أول خطوة نحو النهضة الكبري ماليزيا بعد الاستقلال ... ومصر بعد الثورة
هل تؤمن بالتغيير ؟ الامر بات وشيكا , فقط معادلة بسيطة للنجاح تجعل مصر دولة متقدمة ,تتلخص في خطة سياسية واقعية لها جدول زمني محدد تعمل بخطوات ثابتة لها ارادة قوية وعمالة مدربة ماهرة وقادرة علي تحقيق الهدف, هذه كانت خلاصة تجربة تقدم ماليزيا
فبعد النجاح الساحق الذي حققته للارتقاء بنفسها من دولة تسير عكس ركب التطور الي دولة علي مصاف 17 دولة من الدول المتقدمة لابد ان تكون تجربتها جديرة بالذكر.
كانت ماليزيا في بادئ الامر دولة محتلة وكانت في ركود اقتصادي , تعتمد علي النظام الراسمالي , و يسودها الاضطرابات والمشاكل العرقية طبقا للتركيبة السكانية التي كانت تحتوي علي الملايو السكان الاصليين , والصينييون والهندوس الوافدين ,الي ان استقلت 1957 واصبحت تسعي للتغيير ودخلت في مرحلة مايسمي بمفترق الطرق .
هذه المرحلة اثرت بشكل كبير علي تحول ماليزيا الي دولة متقدمة خاصة في وجود المفكر الماليزي الكبير الدكتور مهاتير محمد رئيس وزرائها الاسبق الذي حقق نجاحا كبير في الارتقاء بالاقتصاد وكافة نواحي الحياة .
تتلخص رؤية مهاتير في عدة نقاط هامة , اولها : الوحدة بين فئات الشعب , والاتحاد علي هدف واحد والعمل ضمن منظومة , ثانيا , وجود دولة داعمة نحو التقدم كما كانت اليابان داعمة للتجربة الماليزية , ثالثا, العمل علي اجتذاب الاستثمار وتوجيه الانظار للبلاد .
لذلك قام مهاتير بعمل خطوات هامة لتحقيق هذه النقاط , اولا: ادخال التكنولوجيا في كل المجالات توفيرا للوقت والجهد , ثانيا , التواصل وتوثيق العلاقات بالعالم , وكان اهم هذه الاشياء هو تبني منهج للتنمية خلال تأهيل الفرد تاهيلا جيدا , خلال تحقيق مستوي عالي من التعليم والتكنولوجيا للفرد والدفع به لتعلم اللغة الانجليزية , القيام بأرسال بعثات للخارج 300 طالب كل اسبوع , التواصل مع الجامعات العالمية محاولا الارتقاء بالانسان كمواطن له حقوق بكافة الوسائل العلمية , وتعرفه علي ثقافات مختلفة , ثم بعد ذلك ارساله الي سوق العمل لزيادة الانتاج , وبذلك انخفض مستوي البطالة وساعدت علي ارتفاع مستوي النمو الاقتصادي.
ويكمن نجاح الخطة الاصلاحية التي وضعها في اسباب هامة جدا , اولها , واقعية الاهداف , اي ان تكون الاهداف مدروسة بدقة تتناسب مع طبيعة البلاد علي سبيل المثال جدول زمني للرقي ورفع دخل الفرد , ثانيها : شمولية الاهداف , حيث وضعت ماليزيا اهدافا تشمل كافة نواحي الحياة في ( الاقتصاد – الصناعة –الرعاية الاجتماعية – الثقافة ) الخ , ثالثها : القيادة القوية , ولابد ان نفرق هنا ما بين قوة القيادة والحكم الدكتاتوري الفردي , فالحكم الديكتاتوري يؤخر البلاد كما حدث في مصر طيلة 30 عام , اما القيادة الديمقراطية الواعية بما يحدث المالكة لزمام الامور هي من تستطيع الارتقاء بالبلاد
وتتميز قوة القيادة بمعالجتها للقضايا معاجة جذرية وان تكون قادرة علي مواجهة ما يحدث , حيث استطاعت ماليزيا ان تعبر ازمة 1982 والركود الاقتصادي بنجاح وتحقق برنامج تحرير الاقتصاد , بمعني انه تم تحرير الحياة الاقتصادية من هيمنة الحكومة والقطاع العام , فتكون الدولة مجرد حارس للنشاط ومنظمة له فقط , وتترك للافراد الاشتغال به , واختيار المديرين اهم نقطة حيث يقع علي عاتقه استمرار انخفاض تكلفة المنتج والمحافظة علي جودته , حيث استفادة ماليزيا من نظيرتها اليابان في عمل برنامج ( التسليم في الوقت المحدد )علي ان تراعي الدولة الشؤون الكبري كالحكم والسياسة والدفاع والامن .
فحقق مهاتير رؤية اعتمدها في فترة ما بعد استقلال (1957- 1983) , انشاء مؤسسات تعاونية لتقديم الخدمات لفئة كانت شبه ضائعة , وتباشر هذه المؤسسات خدمة الفقراء واتاحة فرص كبيرة لحياة افضل لهم وكانت اهمها مؤسستي ( هيئة التأمين التعاوني الماليزي – هيئة ادارة صندوق الحج والحجيج ) والتي قامت في المقام الاول علي القيم الاخلاقية ثم التعاملات المالية فيما بعد , بالاضافة للنشاط التسويقي , وهو تشجيع ودعم تصدير المنتجات الصناعية للخارج وهذا ظهر بعد ازمة الركود الاقتصادي في ماليزيا , حيث تحولت سياسة التصنيع للتصدير بدلا من الاعتماد علي الواردات , مما ادي لاشراك القطاع الخاص وتشجيعه لحد كبير .
ببساطة استطاع تحويل بلاده من دولة زراعية يعتمد اقتصادها علي تصدير السلع الزراعية والمواد الاولية البسيطة من (المطاط – القصدير) الي دولة صناعية متقدمة , اذا تحتاج مصر لكل ماسبق لكي تحقق تقدمها بالاضافة الي شئ هام وهو هدم الفساد والوحدة , لنبدأ عصر جديد ستكون تجربتنا فيه فريدة علي الاطلاق .